ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده
صفحة 1 من اصل 1
ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده
ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد ، فقد عنى الإسلام بالمجتمع عناية بالفرد. فكل منهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه. وهل المجتمع إلا مجموعة من الأفراد ربطت بينهم روابط معينة. فكان صلاح الفرد لازماً لصلاح المجتمع، فالفرد أشبه باللبنة في البنيان، ولا صلاح للبنيان إذا كانت لبناته ضعيفة.
كما لا صلاح للفرد إلا في مجتمع يساعده على النمو السليم، والتكيف الصحيح، والسلوك القويم. فالمجتمع هو التربة التي تبنت فيها بذرة الفرد. وتنمو وتترعرع في مناخها، والانتفاع بسمائها وهوائها وشمسها. وما كانت الهجرة النبوية إلى المدينة، إلا سعياً إلى مجتمع مستقل تتجسد فيه عقائد الإسلام وقيمه وشعائره وشرائعه. وقد لمسنا في عصرنا محنة الفرد المسلم في المجتمعات التي لا تلتزم بالإسلام منهاجاً لحياتها، ناهيك بالمجتمعات التي تعادي شريعته، وتطارد دعوته. وكيف يعيش هذا الفرد في توتر وقلق وحيرة، نتيجة لما يحس به من تناقض صارخ بين ما يؤمن به من أوامر دينه و نواهيه، من جهة، و ما يعايشه ويضغط عليه من أفكار المجتمع ومشاعره وتقاليده وأنظمته وقوانينه، التي يراها مخالفة لتوجيهات عقيدته، وأحكام شريعته، ومواريث ثقافته، من جهة أخرى. الإنسان - كما قال القدماء - مدني بطبعه , وكما قال المحدثون : حيوان اجتماعي . أي أنه لا يستطيع أن يعيش وحده , بل لا بد أن يتعاون مع غيره , حتى تستقيم حياته , وتتحقق مطالبه , ويستمر نوعه . وقد قال الشاعر العربي : الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض - وان لم يشعروا - خدم والإسلام لا يصور الإنسان وحده ، إنما يصوره في مجمع ، ولهذا توجهت التكاليف إليه بصيغة الجماعة: (يا أيها الذين آمنوا) ولم يجئ في القرآن (يا أيها المؤمن) وذلك أن تكاليف الإسلام محتاج إلى التكاتف والتضامن في حملها والقيام بأعبائها. يستوي في ذلك العبادات والمعاملات.
فإذا نظرنا إلى فريضة كالصلاة وجدنا أنها لا يمكن أن تقام كما يريد الإسلام, إلا بمسجد يتعاون المجتمع على بنائه، ومؤذن يعلن الناس بمواقيت الصلاة, وإمام يؤمهم, وخطيب بخطبهم, ومعد يعلمهم, وهذا كله لا يقوم به الفرد, وإنما ينظمه المجتمع.
وقد جعل القرآن أول أعمال الدولة المسلمة إذا مكّن لها في الأرض: أن تقيم الصلاة, كما قال تعالى الذين إن مكنّاهم في لأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة… الآية).
ومثل ذلك يقال في فريضة الصوم, وضرورة ترتيب أمور الحياة في رمضان ترتيبا يعين على الصيام والقيام والسحور وغيرها. ومن باب أولى: الزكاة, فالأصل فيها أنها تنظيم اجتماعي تشرف عليه الدولة, بواسطة ( العاملين عليها ) الذين نص عليهم القرآن . وكذلك كل شعائر الإسلام وأركانه. أما الأخلاق والمعاملات فلا يتصور أن تقوم - كما ينشدها الإسلام - إلا في ظلال مجتمع ملتزم بالإسلام, يتعبد لله بإقامة حياته على أساس الإسلام.
وقد عم الإسلام المسلم أن يقول إذا ناجى ربه في صلاته ( إياك نعبد وإياك نستعين) فهو يتكلم بلسان الجماعة, وإن كان وحده, وكذلك إذا دعا ربه دعا بصيغة الجمع: (اهدنا الصراط المستقيم) فالجماعة حيّة في وجدانه، حاضرة على لسانه. والمجتمع المسلم مجتمع متميز عن سائر المجتمعات بمكوناته وخصائصه, فهو مجتمع رباني، إنساني, أخلاقي, متوازن. والمسلمون مطالبون بإقامة هذا المجتمع, حتى يمكنوا فيه لدينهم, ويجسدوا فيه شخصيتهم, ويحيوا في ظله حياة إسلامية متكاملة: حياة توجهها العقيدة الإسلامية , وتزكيها العبادات الإسلامية , وتقودها المفاهيم الإسلامية, وتحركها الشاعر الإسلامية, وتضبطها الأخلاق الإسلامية وتجملها الآداب الإسلامية, وتهيمن عليها القيم الإسلامية, ومحكمها التشريعات الإسلامية, وتوجه اقتصادها وفنونها وسياستها: التعاليم الإسلامية.
فليس المجتمع المسلم, كما يتصوره أو يصوره الكثيرون - هو - فقط - الذي يطبق الشريعة الإسلامية في جانبها القانوني, وخصوصا جانب الحدود والعقوبات, فهذا تصور وتصوير قاصر, بل ظالم لهذا المجتمع, واختصار لكل مقوماته المتعددة في مقوم واحد هو التشريع, وفى جانب واحد من التشريع هو التشريع الجزائي, أو الجنائي.
لهذا كان من المهم هنا: هو إلقاء الضوء على المكونات أو اللامح الأساسية لهذا المجتمع الذي ننشده, والذي قامت حركات وجماعات إسلامية في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي تدعو إليه , ليحل محل المجتمعات الحاضرة, التي اختلط فيها الإسلام بالجاهلية, سواء أكانت جاهلية وافدة,مما غزانا به الاستعمار الغربي بشقيه: الرأسمالي والاشتراكي, أم جاهلية موروثة, من رواسب عصور التخلف, التي ساء فيه ا فهم السلمين لدينهم, كما ساء تطبيقهم له, حكاما ومحكومين. وقد صدر لي كتاب منذ سنين, هو: (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ) وهو في الحقيقة جزء من هذا الكتاب.
كما تركت موضوعاً يتعلق بالدولة ونظام الحكم, خشيه من طول الكتاب على القارئ. وربما أهدره في رسالة مستقلة, أو ألحمه به في طبعه أخرى. وعسى أن يكون في هذه الفصول ما يساعد على كشف اللثام عن معالم هذا المجتمع الذي مرنو إليه الأبصار, وتشرئب نحوه الأعناق, وتتعلق به القلوب.
وعسى أن يزيدنا ذلك إصراراً على السعي إليه, والعمل على تحقيقه في الواقع، كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا, في أي وطن - مهما صغرت رقعته من دار الإسلام. فيعلن ولاءه الكامل للإسلام, عقيدة وشريعة ومنهاج حياة, ويبنى حياته كلها: المادية والمعنوية, وسياسته كلها: الداخلية والخارجية على الإسلام.
ومن ناحية أخرى نقيس المجتمعات القائمة اليوم, والتي تنتسب إلى الإسلام, لأن سكانها مسلمون, أو لأن دستورها يعلن أن دينها الإسلام, أو أن الشريعة هي المصدر الرئيسي, أو المصدر الوحيد للقوانين : نقيسها إلى هذا المجتمع في صورته المثالية المنشودة , لنعرف مدى قربها أو بعدها منه.
فما أكثر الذين يتمسحون بالإسلام, وهم عنه صادون, أو يتمسكون بشكليات منه, وهم عن روحه معرضون, أو يؤمنون ببعض كتابه, وهم بالبعض الآخر كافرون, أو يحتفلون بأعياده, وهم لأعدائه موالون, ولدعاته معادون, ولشريعته معارضون ! ( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا، ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.)
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد ، فقد عنى الإسلام بالمجتمع عناية بالفرد. فكل منهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه. وهل المجتمع إلا مجموعة من الأفراد ربطت بينهم روابط معينة. فكان صلاح الفرد لازماً لصلاح المجتمع، فالفرد أشبه باللبنة في البنيان، ولا صلاح للبنيان إذا كانت لبناته ضعيفة.
كما لا صلاح للفرد إلا في مجتمع يساعده على النمو السليم، والتكيف الصحيح، والسلوك القويم. فالمجتمع هو التربة التي تبنت فيها بذرة الفرد. وتنمو وتترعرع في مناخها، والانتفاع بسمائها وهوائها وشمسها. وما كانت الهجرة النبوية إلى المدينة، إلا سعياً إلى مجتمع مستقل تتجسد فيه عقائد الإسلام وقيمه وشعائره وشرائعه. وقد لمسنا في عصرنا محنة الفرد المسلم في المجتمعات التي لا تلتزم بالإسلام منهاجاً لحياتها، ناهيك بالمجتمعات التي تعادي شريعته، وتطارد دعوته. وكيف يعيش هذا الفرد في توتر وقلق وحيرة، نتيجة لما يحس به من تناقض صارخ بين ما يؤمن به من أوامر دينه و نواهيه، من جهة، و ما يعايشه ويضغط عليه من أفكار المجتمع ومشاعره وتقاليده وأنظمته وقوانينه، التي يراها مخالفة لتوجيهات عقيدته، وأحكام شريعته، ومواريث ثقافته، من جهة أخرى. الإنسان - كما قال القدماء - مدني بطبعه , وكما قال المحدثون : حيوان اجتماعي . أي أنه لا يستطيع أن يعيش وحده , بل لا بد أن يتعاون مع غيره , حتى تستقيم حياته , وتتحقق مطالبه , ويستمر نوعه . وقد قال الشاعر العربي : الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض - وان لم يشعروا - خدم والإسلام لا يصور الإنسان وحده ، إنما يصوره في مجمع ، ولهذا توجهت التكاليف إليه بصيغة الجماعة: (يا أيها الذين آمنوا) ولم يجئ في القرآن (يا أيها المؤمن) وذلك أن تكاليف الإسلام محتاج إلى التكاتف والتضامن في حملها والقيام بأعبائها. يستوي في ذلك العبادات والمعاملات.
فإذا نظرنا إلى فريضة كالصلاة وجدنا أنها لا يمكن أن تقام كما يريد الإسلام, إلا بمسجد يتعاون المجتمع على بنائه، ومؤذن يعلن الناس بمواقيت الصلاة, وإمام يؤمهم, وخطيب بخطبهم, ومعد يعلمهم, وهذا كله لا يقوم به الفرد, وإنما ينظمه المجتمع.
وقد جعل القرآن أول أعمال الدولة المسلمة إذا مكّن لها في الأرض: أن تقيم الصلاة, كما قال تعالى الذين إن مكنّاهم في لأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة… الآية).
ومثل ذلك يقال في فريضة الصوم, وضرورة ترتيب أمور الحياة في رمضان ترتيبا يعين على الصيام والقيام والسحور وغيرها. ومن باب أولى: الزكاة, فالأصل فيها أنها تنظيم اجتماعي تشرف عليه الدولة, بواسطة ( العاملين عليها ) الذين نص عليهم القرآن . وكذلك كل شعائر الإسلام وأركانه. أما الأخلاق والمعاملات فلا يتصور أن تقوم - كما ينشدها الإسلام - إلا في ظلال مجتمع ملتزم بالإسلام, يتعبد لله بإقامة حياته على أساس الإسلام.
وقد عم الإسلام المسلم أن يقول إذا ناجى ربه في صلاته ( إياك نعبد وإياك نستعين) فهو يتكلم بلسان الجماعة, وإن كان وحده, وكذلك إذا دعا ربه دعا بصيغة الجمع: (اهدنا الصراط المستقيم) فالجماعة حيّة في وجدانه، حاضرة على لسانه. والمجتمع المسلم مجتمع متميز عن سائر المجتمعات بمكوناته وخصائصه, فهو مجتمع رباني، إنساني, أخلاقي, متوازن. والمسلمون مطالبون بإقامة هذا المجتمع, حتى يمكنوا فيه لدينهم, ويجسدوا فيه شخصيتهم, ويحيوا في ظله حياة إسلامية متكاملة: حياة توجهها العقيدة الإسلامية , وتزكيها العبادات الإسلامية , وتقودها المفاهيم الإسلامية, وتحركها الشاعر الإسلامية, وتضبطها الأخلاق الإسلامية وتجملها الآداب الإسلامية, وتهيمن عليها القيم الإسلامية, ومحكمها التشريعات الإسلامية, وتوجه اقتصادها وفنونها وسياستها: التعاليم الإسلامية.
فليس المجتمع المسلم, كما يتصوره أو يصوره الكثيرون - هو - فقط - الذي يطبق الشريعة الإسلامية في جانبها القانوني, وخصوصا جانب الحدود والعقوبات, فهذا تصور وتصوير قاصر, بل ظالم لهذا المجتمع, واختصار لكل مقوماته المتعددة في مقوم واحد هو التشريع, وفى جانب واحد من التشريع هو التشريع الجزائي, أو الجنائي.
لهذا كان من المهم هنا: هو إلقاء الضوء على المكونات أو اللامح الأساسية لهذا المجتمع الذي ننشده, والذي قامت حركات وجماعات إسلامية في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي تدعو إليه , ليحل محل المجتمعات الحاضرة, التي اختلط فيها الإسلام بالجاهلية, سواء أكانت جاهلية وافدة,مما غزانا به الاستعمار الغربي بشقيه: الرأسمالي والاشتراكي, أم جاهلية موروثة, من رواسب عصور التخلف, التي ساء فيه ا فهم السلمين لدينهم, كما ساء تطبيقهم له, حكاما ومحكومين. وقد صدر لي كتاب منذ سنين, هو: (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ) وهو في الحقيقة جزء من هذا الكتاب.
كما تركت موضوعاً يتعلق بالدولة ونظام الحكم, خشيه من طول الكتاب على القارئ. وربما أهدره في رسالة مستقلة, أو ألحمه به في طبعه أخرى. وعسى أن يكون في هذه الفصول ما يساعد على كشف اللثام عن معالم هذا المجتمع الذي مرنو إليه الأبصار, وتشرئب نحوه الأعناق, وتتعلق به القلوب.
وعسى أن يزيدنا ذلك إصراراً على السعي إليه, والعمل على تحقيقه في الواقع، كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا, في أي وطن - مهما صغرت رقعته من دار الإسلام. فيعلن ولاءه الكامل للإسلام, عقيدة وشريعة ومنهاج حياة, ويبنى حياته كلها: المادية والمعنوية, وسياسته كلها: الداخلية والخارجية على الإسلام.
ومن ناحية أخرى نقيس المجتمعات القائمة اليوم, والتي تنتسب إلى الإسلام, لأن سكانها مسلمون, أو لأن دستورها يعلن أن دينها الإسلام, أو أن الشريعة هي المصدر الرئيسي, أو المصدر الوحيد للقوانين : نقيسها إلى هذا المجتمع في صورته المثالية المنشودة , لنعرف مدى قربها أو بعدها منه.
فما أكثر الذين يتمسحون بالإسلام, وهم عنه صادون, أو يتمسكون بشكليات منه, وهم عن روحه معرضون, أو يؤمنون ببعض كتابه, وهم بالبعض الآخر كافرون, أو يحتفلون بأعياده, وهم لأعدائه موالون, ولدعاته معادون, ولشريعته معارضون ! ( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا، ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.)
الحبيب المصطفى- مشرف 2
-
عدد المساهمات : 51
تاريخ التسجيل : 09/11/2011
بطاقة الشخصية
العب معنا: 5
مواضيع مماثلة
» واجب المسلم: طلب العلم
» نصائح وتوجيهات للشباب المسلم
» استغلال المسلم لأوقات الفراغ
» التقدم الذي يريده الإسلام
» الدعاء الذي يقال في صلاة الجنازة
» نصائح وتوجيهات للشباب المسلم
» استغلال المسلم لأوقات الفراغ
» التقدم الذي يريده الإسلام
» الدعاء الذي يقال في صلاة الجنازة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى